يونس محمود رمز للوحدة الوطنية العراقية
البطل العراقي التركماني يونس محمود |
من بين لاعبي كرة القدم الذين تم انتخابهم وترشيحخم لنيل جائزة الكرة الذهبية , الى جانب البرازيلي كاكا والبرتغالي كريستيانو رونالدو والفرنسي تيري هنري : يظهر في القائمة اسم العراقي يونس محمود فهل ثمة من خطأ ؟ كلا بكل تأكيد . لأن هذا اللاعب استحق ذلك وبجدارة .ذلك انه صاحب الأنجازالكبير وغير المسبوق في تاريخ كرة القدم العراقية : هدف الفوز في نهائيات كأس امم آسيا , عندما تمت المواجهة مع العربية السعودية ( 1-0 ) وهو ما رفع اسمه ليكون الى جانب الكبار في كرة القدم العالمية .كان المدرب البرازيلي فييرا اول من قدم التهاني الى لاعبي الفريق العراقي لهذا الأنجاز الرائع والعظيم بالرغم من واقع مليء بالصعوبات : " هؤلاء الأبطال رائعين حقا .وعلينا ان نفهم كم كان صعبا عليهم خوض غمار المنافسة بقوة تماسك داخلي عجيب وبالرغم من حجم المآساة التي حلت بالبلاد..". وحتى يصل الى المبارات النهائية , تعين على الفريق الوطني العراقي , المروربسلسلة من العقباتوتجاوزها : اولا سلبية الحكومة العراقية في بداية المنافسة . فبينما تمتعت الفرق الأخرى بامتيازات التنقل المريح وما رافقها من تسهيلات ( طائرات حديثة ومتطورة ) , لم تتوفر للفريق العراقي سوى طائرات الدرجة الثانية التي اضطرت للتوقف في مطار ماليزيا لست ساعات طوال. وجرى ذلك فيما يستعد الفريق العراقي لمباراة حاسمة ومهمة . والأكثر حزنا ومرارة , كانت المباراة تجري في كل مرة مترافقة مع انباء حمامات الدم التي تجري في البلاد . ونتذكر جميعا مباراة النصف النهائي مع كوريا الجنوبية , حيث راح ضحية ابتهاج الشعب العراقي بانتصار فريقه الوطني , قرابة الخمسين ضحية جراء اطلاق الرصاص ابتهاجا بالنصر . كما نتذكر ان اللاعبين انفسهم كانوا قد فقدوا بعض اعزائهم من الأهل والأقارب , وهو ما دفع بالفريق لحمل الوشاح السود : هوار الملا محمد احد زملاء حامل الرقم 10 محمود يونس , كان قد فقد والدته , غداة الربع النهائي للدورة .
لا ينسى العراقيون يوم الأحد الموافق 29 تموز 2007 . ففي هذا اليوم , سيطر " اسود الرافدين " سيطرة شبه تامة على " ابناء الجزيرة " ممثلا بفريق المملكة العربية السعودية . المرمى العراقي عصي على الأهتزاز بفعل جهادية حارس مرماه " وهو شيعي "..تمريرة دقيقة من هوار " وهو كردي " وتسديدة هدف من يونس محمود " وهو سني "..نقلات ومناولات صنعت قدر هذا الفريق الذي لم يتجرأ احدا لترشيحهللأنتصاربسبب ما يجري في العراق من كوارث .وفي مواجهة ذلك كان العراقيون من مشجعي الفريق يهتفون "..نحن لسنا شيعة ولسنا سنة .. اننا عراقيون فحسب ! " كما يتذكر الجميع كلام المعلق الرياضي التي ردده الجميع " ..العراقيون ليسوا بطائفيين واللاعبين قدموا الدليل باننا لن نكون طائفيين .."
انها لنادرة تلك الأنتصارات ا لرياضية التي تحمل كل هذه المعاني السياسية. فحيثما اخفقت الحكومة العراقية , يأتي فريق مكون من " سنة وشيعة واكراد وتركمان " ليرسموا المثال النموذجي والمعطاء .
" .. اتنمى العودة الى بغداد للاحتفال بهذا الأنتصار ولكن من يضمن حياتي ؟هكذا صرح الكابتن يونس محمود غداة انجاز هذ الأنتصار العظيم .... " .. ففي العراق يتابع يونس الحديث , لا احد يعرف قاتله !.." . انها رسالة واضحة الى السياسيين العراقيين . وفي هذه المرة تقدم الرياضي ليملء الفراغ في ساحة المواطن العراقي .
ولد في 3 شباط من عام 1983 في مدينة كركوك . وعلى هذا النحو ترعرع في شمال العراق وهناك بدأ مشواره الرياضي كلاعب كرة قدم . طفولة متواضعة وتربية صارمة خلقت منه عراقيا مرتبط بحب بلاده ووحدتها .
من كركوك الى قطر حيث لعب يونس في فريق " نادي غفارة " , كان حامل الرقم 10 يحمل مع نفسه فخر كونه عراقيا. وبطوله ( متر و85 سم) وبابتسامته التي لا تفارقه , كان يخفي حزنه عائلته التي اصبحت ضحية تدهور الأوضاع الأمنية فكان الموت العنيف للعديد من اقرباءه , ان دفع بعائلته لأختيار الرحيل وترك العراق ليكونوا من بين الملايين التي غادرت الحدود الى سوريا . وهؤلاء المهجرين فهموا بان يونس محمود يمثل الرمز الحقيقي للوحدة الوطنية " ان رئيس الوزراء نوري المالكي الذي تحدث عن رغيته بالمصالحة الوطنية لم ينجح في مساعيه بالرغم من انقضاء عدة شهور . اما يونس محمود فقد حقق ذلك خلال عدة ايام .." على هذا النحو يتحدث احد المهجرين قسرا عن البلاد .
عند سماع يونس محمود بادراج اسمه مع بقية المرشحين من قبل اسبوعية كرة القدم الفرنسية الواسعة الأنتشار ( فرانس فوت بول ) شعر بفرح كبير .." .. ان تكون من بين الخمسين مرشحا الأكثر شهرة على الصعيد الكوني , انما هو الشيء الأكثر روعة منذ تحقيقنا الفوز بكأس امم آسيا في جكارتا في تموز الماضي . انني اهدي هذا الأختيار الى الشعب العراقي الذي يواجه الموت كل يوم . ان كأس آسيا قد اعطت البهان على ان كرة القدم كانت المنفذ الوحيد لهذا الشعب للتخلص من آلالامه. انني اشكر صحيفة فرانس فوت بول على التفاتتها بادراج اسمس وهو شرف عظيم للتنافس مع لاعبين كبار مثل كاكا ورونالدو وتيري هنري وسواهم من مشاهير هذه اللعبة .ان تكون من بين تلك السماء الموهوبة على الصعيد الكوني , انما هو جائزة بحد ذاتها وقبل معرفة النتيجة النهائية .
